في 18 يناير 2025، شهدت العاصمة البريطانية لندن تظاهرة حاشدة نظمتها حملة التضامن مع فلسطين (Palestine Solidarity Campaign) للتنديد بالجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ورغم الأعداد الكبيرة للمشاركين، فرضت الشرطة قيودًا مشددة على الاحتجاج، حيث منعت المتظاهرين من التوجه إلى مكتب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) كما كان مخططًا.
أوضحت الشرطة أن هذه القيود تأتي في إطار حماية الأمن العام، مشيرة إلى تأثير الاحتجاجات المطولة على المجتمع اليهودي في لندن، خاصة وأنها تتزامن مع يوم السبت وبالقرب من دور عباداتهم.
شهدت التظاهرة موجة من الاعتقالات الواسعة، حيث تم القبض على عدد من المشاركين بزعم انتهاك شروط الاحتجاج، مما أثار جدلًا كبيرًا حول قانونية هذه القيود والاعتقالات، إذ تمنح الشرطة لنفسها السلطة لتحديد من يسمح له بالتعبير عن رأيه، مما يشكل تهديدًا للحقوق الأساسية.
كان من الواضح أن الشرطة كانت تهدف إلى دفع المحتجين نحو مواجهة مباشرة معها، مما يسهم في خلق رواية زائفة تشير إلى أن التظاهرات عنيفة ومجرمة، بالإضافة إلى تصنيفها على أنها “معادية للسامية”، مما يسهل زيادة المطالبات بحظر هذه المسيرات.
وفقًا لشهادة المستشار العام لهيئة اليد العليا، محمد الميل، الذي شهد التظاهرة، دعا قادة الاحتجاج، ومن بينهم جيريمي كوربين وبن جمال، إلى الهدوء وحثوا المشاركين على الانخراط في أعمال سلمية، مثل الجلوس على الأرض وإلقاء الورود تكريمًا للأطفال الذين قتلوا في غزة، ومع ذلك، جاءت استجابة الشرطة متعارضة تمامًا مع هذه النوايا السلمية.
بعد حوالي ساعة من الوقت المحدد لانتهاء التظاهرة، لاحظ الميل أن الشرطة قامت بتشكيل طوق بشري من عناصرها، ثم اندفعت فجأة لتطويق مجموعة من المتظاهرين، مما أدى إلى محاصرة الموجودين داخل هذا الطوق واعتقالهم بشكل عشوائي تحت ذريعة تطبيق المادة 14 من قانون النظام العام.
تواجد مراقب قانوني في قلب الحدث، حيث كلفته الهيئة بمراقبة سير الأمور، وقد نقل لنا شهادات بعض المعتقلين، وفي هذا السياق أفاد عادل خواجة بأنه تم الإفراج عن صديقه يوسف بعد أقل من 24 ساعة من اعتقاله في مركز شرطة بروملي (Bromley Police Station)، إلا أنه وضعت عليه شروط صارمة، شملت حظر حضوره أي احتجاجات تتعلق بفلسطين لمدة ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى ضرورة حضوره مقابلة مع الشرطة بعد شهر.
في تقرير منفصل، ذكر المراقب أنه تم الإفراج عن أحمد مصطفى وشخص آخر يفضل عدم الكشف عن اسمه في الوقت نفسه، وذلك بشروط كفالة دون احتجازهما في المركز وإنما تم احتجازهما مؤقتًا داخل سيارة الشرطة، وأوضح أحمد أنه تعرض للضرب المبرح من قبل الشرطة أثناء الاعتقال مما استدعى نقله إلى المستشفى، وقد أرسل تقارير طبية إلى الهيئة لتوثيق ادعاءاته.
تؤكد هيئة اليد العليا التزامها التام بالوقوف إلى جانب الذين يدافعون عن الحق الفلسطيني، مشددة على أنها لن تتوانى عن إدانة انتهاكات حقوقهم أو تجاهل معاناة الذين تم اعتقالهم خلال الاحتجاجات.
تدرك الهيئة تمامًا أن هذه القضايا تتطلب صوتًا موحدًا وقويًا، ولذلك تدعو جميع الأفراد الذين شهدوا اعتقالًا، أو تعرضوا للاحتجاز، أو يحتاجون إلى دعم أثناء الاحتجاج أو بعده، أو لديهم مواعيد في المحكمة، إلى عدم التردد في التواصل معها؛ فهي ملتزمة بتقديم المشورة والمناصرة والدعم، بالإضافة إلى توفير الموارد والمراقبة القانونية اللازمة لضمان حقوق الجميع.