ملحوظة: لم يتم تنقيح هذا التقرير أو مراجعته، وقد تم اقتباسه حرفيًا. نتيجة لذلك، قد تكون هناك أخطاء أو عدم دقة في المحتوى. من فضلك ضع هذا في الاعتبار أثناء القراءة.
إنتاج: قناة هَجَر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الذي لا ينهل من المناهل الروية التي أمرنا بالأخذ منها عادة ما نجده يقع في تخبط واضح، والمثال الأصدق على ذلك هم أبناء الفرقة البكرية، حينما ننظر في اعتقاداتهم وكتبهم نجد البلايا! يقعون عادة بالتخبط حينما يريدون الأخذ باعتقاد معين، ويقعون كذلك في التناقضات ويأخذون بالشبهات ويتركون المحكمات، لأنهم ابتعدوا عن أهل بيت المصطفى صلوات الله عليهم الذين أمرنا بالتمسك بهم حتى لا نضل من بعد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ومما وجدته عند أبناء الفرقة البكرية، تخبط واضح، وتناقض عجيب! أن النبي صلى الله عليه وآله -حسب اعتقادهم- كان يقع في موقف يعرضه للإحراج، إنه كان يسب ويشتم ويلعن أصحابه أو غير المستحقين لهذا السب وهذا اللعن فيتحول هذا السب وهذا اللعن بالضرورة -لأنه دعا ربه بأن يستجيب له في هذا الموضع- إلى زكاة لذلك الرجل المسبوب أو الملعون من حضرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله!
مثلا، نجد هنا رواية يرويها البخاري في صحيحه رقم الحديث ٥٨٨٤ عن ابن شهاب قال: “أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك قربة إليك يوم القيامة”.
يخاطب ربه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله حسب هذه الرواية، ويدعوه بهذا الدعاء: يا رب العالمين أي شخص أنا أسبه اجعل هذا السب زكاة لذلك المسبوب وقربة إليك يوم القيامة!
نجد كذلك مضمون هذه الرواية بألفاظ أخرى بمواقف أخرى يرويها مسلم في رقم الحديث ٤٧٠٦ عن عائشة قالت: “دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو! -قد يكون بالقرائن الأخرى والمعضدات هاذين الرجلين هما أبو بكر وعمر- فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا قلت: يا رسول الله، من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان، قال: وما ذاك؟ قلت: سببتهما ولعنتهما! قال: أوما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا”!
رسول الله يشارط ربه على هذا الأمر، تتحول هذه اللعنة وهذا السب إلى زكاة وأجر! أنا أفهم من خلال هذه الرواية ومن خلال قرائن أخرى، أن هذين الرجلان هما أبو بكر وعمر، لأن أصلا أبا بكر وعمر كثيرا ما أغضبوا النبي صلى الله عليه وآله ويعرضانه للأذية، وهنا عائشة لعلها أرادت أن تتستر على أبيها فقالت أن هنالك رجلان فما سمتهما! ولأن النبي سبهما اختلقت هذا الحديث حتى تتستر على هذين الرجلين!
هنا كذلك في نفس المصدر السابق في صحيح مسلم، عن أبي هريرة قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فجعلها له زكاة ورحمة”!
هنا في هذه الرواية زيادة، وهي الجلدّ! يعني قد يجلد النبي غير المستحق، وتتحول هذه الضربة أو العقوبة بالضرورة إلى زكاة ورحمة لذاك الطرف الآخر الذي تعرض لهذا الموقف!
كذلك في نفس المصدر السابق في نفس الباب، هذه الرواية: “اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن أذيته أو سببته أو جلدته فاجعله لها زكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة”!
نحن هنا نريد أن نأخذ هذا الحديث وهذه الروايات ونضعها على المشرحة حتى نفهم ما هي مدلولات هذا الحديث، وما هي التناقضات التي وقعوا فيها أبناء الفرقة البكرية حينما يعتقدون بالنبي بمثل هذا الاعتقاد.
أولا: أن النبي صلى الله عليه وآله عندهم قد يلعن أحد الأشخاص أو يسبه أو يجلده ويكون ذلك الأخر واقعا ومصداقا غير مستحق للسب واللعن فيتحول ذلك اللعن إلى زكاة له ورحمة! ومن الطريف أن الشيعة يصبحون وفقا لهذه الروايات ممن تشملهم رحمة النبي بناء على هذا الحديث وهذه الدعوى، لأن كما يزعم المخالفين أن هنالك أحاديث من قبل النبي صلى الله عليه وآله وهي كلها مكذوبة، أن النبي قد قال: “لعن الله من سب أصحابي”، “لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق..”، “من سب أصحابي فعليه لعنة الله”! ونحن معاشر الشيعة نعترف بأننا نسب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله المتردية والنطيحة كأمثال أبي بكر وعمر! فيتحول هذا للعن لمن يسب أصحاب النبي إلى زكاة لهم! فنحن مشمولين بهذه الرحمة بحسب هذه القاعدة!
كذلك إذا كان هذا الميزان عندكم، بأن أي سب أو لعن صدر من النبي صلى الله عليه وآله تتحول بالضرورة إلى زكاة ورحمة، فلنأخذ جميع الروايات، ونجمع كذلك جميع الأحاديث وما ورد في الآثار التي احتوت على سب كان صادرا النبي اتجاه بعض أصحابه وبعض المنافقين ونقول بأن هذه اللعنة تحولت إلى رحمة لهم وزكاة! وهذا كذلك مخالف لما يروونه هم مثلا ما عن أنس بن مالك: “لم يكن النبي سبابا ولا فحاشا لا لعانا”! فإذا كان كذلك فبالضرورة يجب أن لا يصدر منه هذا السب وهذا التفحش في القول، خصوصا لغير المستحق!
كذلك أنه كما جاز للنبي صلى الله عليه وآله أن يلعن من لا يستحق ويسب من لا يستحق بسبب غضبه، قد كذلك يرتكب بعض الجرائم -وحاشاه سيدي- كالقتل مثلا بسبب الغضب! حالة غصبية انتابته فيذهب ويقتل، ونقول: اللهم أي المسلمين لعنته أو سببته و(قتلته) فاجعل ذلك القتل له زكاة ورحمة! أمعقول هذا؟!
وينبغي على المسلمين لو كانوا أذكياء في ذلك الزمان ممن سمع هذا الحديث وبلغهم إياه أن يتوسلوا بالنبي صلى الله عليه وآله: يا رسول الله سبنا والعنا حتى تشملنا الرحمة وتلك الزكاة وذلك الدعاء الذي دعوت به ربك! ليس الجميع ضامن أن يحوز رحمة الله في الآخرة!
هنا قد يأتينا المخالف ويقول: تريثوا يا رافضة! لأن مثل هذه الرواية قد وردت عنكم، مثلا ما يرويه العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، ج١٠١، ص٢٩٠ عن علاء، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام أي الإمام الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “اللهم إنما أنا بشر أغضب وأرضى وأيما مؤمن حرمته وأقصيته أو دعوت عليه فاجعله كفارة وطهورا، وأيما كافر قربته أو حبوته أو أعطيته أو دعوت له ولا يكون لها أهلا، فاجعل ذلك عليه عذابا ووبالا”!
نحن نقول أولا: أن العلامة المجلسي رضوان الله عليه وضع هذه الرواية تحت كتاب (النوادر) ، ومن اسم هذا الكتاب وهذا الباب تعرفون بأن ما ورد فيه غريب وشاذ أو غير مألوف عندنا عادة!
ثانيا: النوادر هو لأحمد بن محمد بن عيسى، والرواية في سندها تذكر من هو العلاء بالضبط ولم تحدده أو تميزه، فإذا كان هذا علاء المذكور في سند الرواية هو العلاء بن رزين فالرواية ساقطة، لأنها مرسلة، لأن أحمد بن محمد بن عيسى لا يروي عن العلاء بن رزين بطريق مباشر، إنما بواسطة.
وعموما نحن عندنا كتاب بحار الأنوار إنما سمي بـ(البحار) لكون البحار تضم الثمين الرخيص، ونحن الإمامية عندنا طريقة معينة في التعامل بالروايات، إذا كانت هذه الروايات تخالف أصول العقائد الشيعية فهذه الرواية أصلا نعلقها ولا تأخذ بها، نحن عندنا عقائد ثابتة، مثلا النبي معصوم ولا يخطأ، ودائما مصيب في حكمه، فكيف للنبي صلى الله عليه وآله أن يلعن غير المستحق؟! لا يمكن أن أن يصدر ذلك من حضرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وهذه الرواية إذا خالفت كتاب الله والروايات المعتدة لدينا والأصول تكون ساقطة أو لا يمكن الاعتداد بها!
نسأل الله لكم الهداية يا أبناء الفرقة البكرية، وأن تعودا لأهل بيت المصطفى صلوات الله عليهم وتنهلوا من علومهم.