ملحوظة: لم يتم تنقيح هذا التقرير أو مراجعته، وقد تم اقتباسه حرفيًا. نتيجة لذلك، قد تكون هناك أخطاء أو عدم دقة في المحتوى. من فضلك ضع هذا في الاعتبار أثناء القراءة.
إنتاج: قناة هَجَر
بسم الله الرحمن الرحيم
نتقدم إلى ساحة موالينا أئمة الهدى صلوات الله عليهم بأحر وأصدق التهاني بمناسبة عيد الله الأكبر عيد الغدير الأغر، فأسعد الله أيامنا وأيامكم، وأعادها الله علينا بالخير واليمن والبركات، وتحت ظل صاحب اليد العليا إمامنا المهدي عليه الصلاة والسلام وعجل الله فرجه الشريف.
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة الرضوان في علل الشرائع، ج١، ص١٤١ عن الحسين بن زيد عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحبنا أهل البيت فليحمدِ الله على أول النعم، قيل وما أول النعم؟ قال: طيب الولادة، ولا يُحِبُنا إلا مؤمن طابت ولادته».
فاحمدوا الله تبارك وتعالى يا شيعة الكرار أن جعلكم طيّبي الولادة، أي أن ولادتكم طابت ولم تخبث، بحب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام والولاء لهم، بينما أعداء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ومخالفوهم خبثت ولادتهم، ما طابت وما طيبيها الله؛ لأنهم ما أحبوا أهل البيت عليهم الصلاة والسلام حقيقة، قد يدّعون هؤلاء أنهم محبون لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام ولكنهم واقعا ومصداقا غير طائعين لهم، لا يلتزمون بأوامرهم، أو أنهم مثلا يقدّمون آخرين عليهم، كما مثلا نلاحظ مع أبناء الفرقة البكرية؛ فإن المحب لمن يحب مطيعُ!
فالحمد لله الذي جعلنا طيبي الولادة، وجعلنا نتمتاز عن مخالفينا بأن خبثت ولادتهم!
وحب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام أمر مِفصلي في جميع حياة الإنسان إن جاز هذا التعبير، يعني على سبيل المثال، أخبرتنا الروايات الشريفة عن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم، والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله على رأسهم، بأن حب علي وهو أحد أعمدة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام مقياس في معرفة ابن الحلال من ابن الحرام، يعني هذا الذي يحب عليا عليه الصلاة والسلام ويتولاه، واقعا يكون ولادته طاهرة، ولدة ولادة شرعية، بينما المخالفون لعلي، والذين يبغضونه، ويعادونه، نجد ولادتهم غير طاهرة، وولدوا ولادة غير شرعية.
يقول ابن الجزري الشافعي وهو الحافظ وشيخ الإقراء في زمانه محمد بن محمد الشافعي الدمشقي هذا الذي كان إماما في الحديث وفي القراءات والذي وصفه ابن حجر بالحفظ، يقول في كتابه مناقب الأسد، ص٨، حديث رقم١١: «عن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منّا وأنه لغير رشده.
قوله لِغَيْرِ رِشْدِهِ هو بكسر الراء وإسكان الشين المعجمة أي ولد زنا وهذا مشهور من قبل وإلى اليوم معروف أنه ما يبغض عليا رضي الله عنه إلا ولد زنا، وروينا ذلك أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ولفظه كنا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبهم عليا رضي الله عنه فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا. قوله نبور بالنون والباء الموحدة وبالراء أي نختبر ونمتحن».
أي أن الأنصار كانوا يمتحنون ويختبرون، يعني مثلا يأتي الولد فيختبرونه فيعرضون عليه مثلا اسم علي بن أبي طالب، أو يذهبون به إليه، فإذا رأوه محبا لعلي بن أبي طالب عرفوا بأنه ابنا شرعيا، وإذا كان مبغضا لعلي بن أبي طالب عرفوا بأنه ما ولد ولادة شرعية.
كذلك ما يعضد هذا الحديث، أحاديث أخرى من طرق أخرى، هي من كتب المخالفين، مثلا منها ما رواه الحاكم الحسكاني عبيد الله بن أحمد الحنفي، في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت عليهم السلام، ج١، ص٤٤٧-٤٤٩ بسنده: «عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أبصر برجل ساجد راكع متطوع متضرع فقلنا: يا رسول الله ما أحسن صلاته؟ فقال: هذا الذي أخرج أباكم آدم من الجنة فمضى إليه علي غير مكترث فهزه هزا أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى ثم قال: لأقتلنك إن شاء الله. فقال: إنك لن تقدر على ذلك، إن لي أجلا معلوما من عند ربي، مالك تريد قتلي؟ فوالله ما أبغضك أحد إلا سبقت نطفتي في رحم أمه قبل أن يسبق نطفة أبيه، ولقد شاركت مبغضك في الأموال والأولاد، وهو قول الله تعالى في محكم كتابه: “وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا” فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: صدقك والله يا علي لا يبغضك من قريش إلا سفاحيا، ولا من الأنصار إلا يهوديا، ولا من العرب إلا دعيا ولا من سائر الناس إلا شقيا، ولا من النساء إلا سلقلقية وهي التي تحيض من دبرها.
ثم أطرق مليا فقال: معاشر الأنصار اغدو أولادكم على محبة علي. قال جابر: كنا نبور أولادنا في وقعة الحرة بحب علي فمن أحبه علمنا أنه من أولادنا، ومن أبغضه أشفينا منه».
من الذين ابتلوا بهذا الأمر، وشاهد على هذا الأمر هي عائشة عليها اللعنة كانت سلقلقة تحيض من دبرها، لذا سميت بالحميراء؛ لأنها كانت كثيرة الحيض، وكانت من الذين يبغضون علي عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك شواهد لسنا في وارد ذكرها.
كذلك لهذه الرواية مصادر أخرى عند أبناء الفرقة البكرية، مثلا تستطعيون أن تراجعوا:
- ابن عساكر الدمشقي في تاريخ مدينة دمشق، ج٤٢، ص٢٨٧.
- ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث، ج١، ص١٦١.
- الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج٤، ص٥٦ ـ ٥٧.
ونحن في مثل هذا اليوم نمر على ذكرى تنصيب هذا الإمام الشرعي بنص من الرسول الأكرم في حادثة الغدير المشهورة، في حادثة يوم الغدير دلالة واضحة على أن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هو الخليفة الشرعي وهو الإمام المفترض الطاعة من بعد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، مخالفونا ما استطاعوا أن ينفوا أصل حدوث هذه الواقعة؛ لأنها متواترة، شهدها الألوف، ولكنهم ذهبوا إلى طرق أخرى ملتوية، ولَيْ عنق الكلمات التي بثها النبي في تلك الواقعة، وحاولوا تأويل بعض ما قالوا النبي صلى الله عليه وآله، فنحن هنا نريد أن نقف على هذا الأمر.
مخالفونا قالوا بأن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله حينما رفع آخذًا يد علي عليه الصلاة والسلام في محضر هذا في هذا المحضر الكبير قائلا: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. إلخ كلامه الشريف، مخالفونا أوّلوا هذا الأمر وقالوا بأن معنى الولاية هاهنا في قول النبي صلى الله عليه وآله وال من والاه يعني بها المحبة والنصرة ليس إلا، هم حاولوا أن يبيّنوا ويلوا عنق هذه الرواية بهذه التأويلات، وبهذه الأمور اللغوية.
مثلا هنا في كتاب حقبة من التاريخ، ١٨٥ ـ ١٨٧: «الحديث لا يدل على أن علياً رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يدل على أن علياً من أولياء الله تبارك وتعالى تجب له الموالاة وهي المحبة والنصرة والتأييد».
نحن نريد أن نقف على هذا الكلام، ونريد أن نقرأ التاريخ ونرى، هل فعلا هؤلاء الصحابة فعلا التزموا بهذا التأويل الذي جاء به المخالفون وعلماؤهم؟ هل التزموا حقا بهذا المعنى، يعني هل فهم الصحابة نفس ما فهم أعلام المخالفين في هذا الحديث؟ هل التزموا فعلا الصحابة في نصرة علي عليه الصلاة والسلام وتأييد علي ومحبته أم لا؟
هنا أحد الذين يروون هذه الواقعة وشهدوها أنس بن مالك، خادم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هذا الخادم الخائن، أحمد بن حنبل يخرّج أحاديث حول هذه الواقعة ألا من كنت مولاه فعلي مولاه بعدة أسانيد؟ وبطرق مختلفة، مثلا يخرّج عن أبي أيوب الأنصاري، وزيد بن أرقم، وأبي سعيد الخدري، وكذلك عن أنس، تستطيعون أن تراجعوا في كتاب السيوطي في تاريخ الخلفاء في ص١٩٦.
كذلك يروي الطوسي وهو أحد أعلامنا في كتابه الأمالي في الصفحة ٢١١: عن أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأخذ بيد علي عليه السلام وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
فإذا أنس بن مالك هو أحد الذين شهدوا هذه الواقعة وروا حديث الغدير، وأنس بن مالك كذلك نفسه روى فضائل كثيرة عن أمير المؤمنين عليه السلام، من ضمن هذه الفضائل والمميزات الخاصة بأمير المؤمنين عليه السلام التي رواها أن مبغض علي هو ابن زنا، هو أحد ممن روى هذا الحديث، مثلا تستطيعون أن تراجعوا في مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في علي ص٧٦، رواية رقم ٥٦، بسنده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أحمد، قال: «سمعت الشافعي يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: قال أنس بن مالك: ما كنّا نعرف الرجل لغير أبيه إلّا ببغض علي بن أبي طالب».
فإذا أنس بن مالك هو أحد الذين يروون هذا الحديث، أن مبغض علي هو ابن زنا، وابن ولد عن طريق غير شرعي، سبحان الله أنس بن مالك نفسه كان يبغض علي عليه السلام، وكان من الذين فضحهم الله تبارك وتعالى، الآن نذكر لكم حادثة تبين لكم مدى وقاحة هذا الرجل!
هنا ابن ابي الحديث المعتزلي يروي في نهج البلاغة، في الجزء الرابع، في الصفحة ٧٤، «وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين، عن علي عليه السلام قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا، وإيثارا للعاجلة، فمنهم أنس بن مالك، ناشد علي عليه السلام الناس في رحبة القصر -أو قال: رحبة الجامع بالكوفة-: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له: يا أنس، ما يمنعك أن تقوم فتشهد، ولقد حضرتها، فقال: يا أمير المؤمنين، كبرت ونسيت، فقال: اللهم إن كان كاذبا فأرمه بها بيضاء لا تواريها العمامة، قال طلحه بن عمير: فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه».
نحن كما قلنا إذا الصحابة أنفسهم فهموا هذا المعنى من كلام النبي ألا من كنت مولاه فعلي مولاه معناها المحبة والنصرة فلماذا اصحابة لا يلتزمون بهذا الأمر؟ يعني حتى الصحابة ما التزموا بهذا المعنى والمراد، نصرة علي ومحبته وتأييده، ابن حديد يقول: يقولون فيه السوء!
أنس أراد لبغضه لعلي عليه السلام أن يكتم هذه الفضيلة، وأن يحرض على علي عليه السلام.
فنحن أولا نحمد الله تبارك وتعالى أن طيب ولادتنا بحب علي عليه السلام وجعلنا ملتزمين بمراد النبي من حديث الغدير ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، أي أن الولي والخليفة هو علي بن أبي طالب عليه السلام.
نحن ندعو المخالفون إلى إعادة النظر من جديد وأن يعودوا إلى علي عليه السلام لتطيب ولادتهم، عودوا إلى علي عليه السلام لتطيب ولادتكم، ولتناولوا رضا الله تبارك وتعالى والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
نحن الآن أثبتنا بأن حتى تأويل المخالفين لقول النبي (ألا من كنت مولاه فعلي مولاه) ما التزم المخالفون أنفسهم ولا الصحابة بهذا، إذا كان المراد هو التأييد والنصرة، فلماذا لم يؤيد أنس علي لماذا لم ينصر علي، ولم يؤيد علي؟!
نختم بشعر للأديب الشاعر صفي الدين السنبسي الحلي:
أميـر المؤمنيـن أراك لمـا ** ذكرتـك عنـد ذي ثقــة صغـى لــي
وإن كــررت ذكــرك عنـد نغـل ** تكـدّر سـرّه وبغـى قتالــي
فصرت إذا شككت بأصل امرئ ** ذكرتك بالجميل من الخصال
فهـا أنـا قـد خبـرت بـك البرايــا ** فأنـت محـك أولاد الحـلال