استضاف أُستوديو قناة الإمام الحسين 2 الفضائية في لندن، الشيخ محمد الميل في حوار تلفزيوني بُث عبر أثيرها يوم العاشر من رجب 1443هـ الموافق الثاني عشر من فبراير / شباط 2022م، أجرته الإعلامية سكينة السيلاوي في برنامجها «نحن وما حولنا» بمناسبة ذكرى مولد الإمام علي بن أبي طالب.
الحوار الذي دار مدار حكم الإمام وسيرته في دولته أوجز فيه الشيخ الميل ملامح دولة الأمير، وأجمل فيه صورًا من حكمه وقضائه، واقتضب فيه مقارنة بينها وبين دول أسلافه الثلاثة.
تقدَّم الأسئلة السؤال عن علي، من هو؟ فأجاب الشيخ بعد استدلال سبق رد السؤال بالسؤال: “ينبغي أن يكون السؤال من هو محمد؟ فإذا ما أجبنا عن هذا صح حينئذ اجترار الجواب واستصحاب المعنى لنقول هذا هو علي، هو محمد”.
وفي سؤال الإعلامية سكينة السيلاوي عن الحقوق في دولة علي، أشار في جوابه إلى قِصار الحكم التي صنَّفها الآمدي في «الغُرَر»، والتي تُفْسِح للمُفَتِّش عن ملامح الدولة وقِوام الحُكم مجالًا للإحاطة، ومن ذلك: «ما حُصِّن الدول بمثل العدل»، «ودولة الأوغاد مبنية على الجور والفساد».
وقد أحدث الشيخ مقارنة بين دولة علي وأبي بكر، الأول الذي عمَّر الأرض والثاني الذي خرَّبها طلبًا للزكاة، ومقارنة أخرى بين دولة علي ودولة عمر التي كان يُمْنَع فيها العجم دخول المدينة؛ فكان ذلك سببًا لزرع الغِل في قلب أبي لؤلؤة الذي ترصده وأرداه قتيلًا هالكًا، وكذلك الأمر بالنسبة لخليفته عثمان، الذي أكَّد الأمير أن ثالث القوم «أجهز عليه عمله»!
وفي هذا السياق، صرَّح الشيخ أن الأمير هو أول من أتى بمصطلح «الاغتراب»، إذ أطلقها في القرن السابع الميلادي في مقولته السهلة المُمْتَنِعة: «الاغتراب أحد الشتاتين»، وليس كارل ماركس الذي بنى الشيوعية على نظرية «الاغتراب الاجتماعي» في القرن التاسع عشر.
كما تحدَّث الشيخ عن حرية التعبير وهامشها الكبير في دولة الإمام علي، فكانت خطب الخوارج تُسمَع بكرة وعشية في لعن علي وسبه ومن أمام بيته وهو الحاكم وصاحب الأمر، بل يُخصص لهم الأخير سهمًا من بيت المال إنصافًا وعدالةً منه لهم، ولكنه في الوقت ذاته لم يتهاون في مقاتلتهم حين قاتلوه عدوانًا، هم وأضاربهم كعائشة في الجمل ومعاوية في صفين؛ لأنه أدرك أن في محاربتهم إحياءً لآخرين، فقال حكمته العلوية التي سطَّرها التاريخ بماء من ذهب: «القتل يُقِلُّ القتل»، يُعضِّدها قول الله تعالى: «وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ»، وقول العرب قديمًا: «قتل البعض إحياء الجميع».