صدر حديثًا عن هيئة اليد العليا في إنجلترا، كتاب «قيامتنا والأخ الأكبر» للشيخ محمد الميل، ويشتمل الكتاب الواقع في 44 صفحة من القطع الوزيري، الذي تولَّت الهيئة تنضيده والإشراف على طباعته وتوزيعه، على جوانب من السيرة الذاتية للشيخ وشرحه لنظريته الثورية.
تَضَمَّن الكتاب تسع عناوين رئيسية، تناول الأول منها إعلانه الرجوع عن بعض ما كان يدعو إليه في كتابه الصادر عام 2018م المعنون بـ «عكازة مستحمِر» والآخر الصادر عام 2019م المعنون بـ «عمامة مسترجَعة»؛ كدعوته فيهما للعلمانية الجزئية وتصريحه فيهما اعتزال الوَسَط الديني، بينما تناولت متون بقية الأقسام التي جمعت بين السيرة والتنظير معًا أُسُس الثورة التي يعتقد بأنها وسيلة لتحقيق الدولة الإسلامية على أصولها.
«رأي في جدلية القيام والقعود»، هو العنوان الثانوي للكتاب الذي يعترف باستحالة تحقق دولة إسلامية في العصر الحديث، ويُعالِج البحث هذه الاستحالة برأيٍ جديد، في منطقة رمادية، مُتجاوزًا بذلك الجدل الكبير المحتدم بين من يُؤيِّد قيام من يتوق لرؤية دولة الإسلام في عصر تخضع فيه حكومات العالم إلى ما يُسمَّى بـ «النظام الدولي»، وبين معارضٍ للساعي إليها في كل العصور؛ لاعتبارات التقية وحرص الأئمة أن يكون شيعتهم أحلاسًا لبيوتهم، أو لغياب شكل الحكم في الأخبار وغموض صلاحيات الحاكم في زمن غيبة صاحب اليد العليا.
النقطة المحورية التي يدور حولها الكتاب، هي استحالة دمج مفهوم الدولة الإسلامية بمفهوم الدولة الحديثة؛ لأنهما ماهيتان مستقلتان، ولذا انتهى من حاول صياغة مفهوم لدولة إسلامية حديثة بالفشل على المستوى النظري والعجز على المستوى العملي.
يُقزِّم الشيخ محاولات من يأمل بإقامة دولة أكارم بالتودد لدولة الأراذل (الدول الغربية)، ويرى مثل هذه المحاولات كمن يُطلِق النار على قدميه أو كمن يكون بين فَكَّي كماشة، ولا يجد مكانًا لقاعدة الميسور الفقهية مجالًا للانطباق.
يصل الشيخ إلى نتيجة واحدة، مفادها إسقاط الحضارة الغربية باعتبارها نكسة وعائق للمشروع الإسلامي، بثورة وضع أصولها وقواعدها لتضمن النجاح وتُعصَم من الهلاك أمام قِوَى الاستكبار المتغطرسة والمدمِّرة.