من: الشيخ محمد الميل ( @protonmail.com)
إلى: الشيخ حسن البلوشي ( @gmail.com)
وسيلة التواصل: البريد الإلكتروني
نوع الرسالة: صادرة
تصنيف الرسالة: غير رسمية – خاصة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد تقصي شي من آثاركم، أدهشني مسلككم في التعاطي مع الأخبار، وفي استشهاداتكم بها إثباتًا ونفيًا وتفسيرًا واستطرادًا بالارتجال والإسقاطات، أضف إلى ذلك، سردكم للنصوص في مؤلفاتكم، الأمر الذي دفعني إلى السؤال عن منهجيتكم في ذلك، وليس أحسن شيء من التحقق إلا أن يكون من المصدر نفسه، وعليه أكتب إليكم مستفهمًا التالي:
رويتم أن يهوديًا كان كثير الأذى للنبي الأكرم، ومع كثرة أذيته وشقاوته لم يقابله النبي إلا بإحسان، كان آخره عيادته عند مرضه. هل لهذه الرواية مصدر؟ فإن كان كذلك، هل لها في المصدر سند؟ ثم كيف نوفِّق بينها وبين حكم القتل لمن يسب النبي ويعتدي على حضرته؟ هل كان اليهودي هذا في المدينة أم مكة -ومكة خالية من اليهود واليهودية-؟ أم في المدينة، ولا تُعْرَف دار رسول الله بمجاورتها لليهود ولا أصحاب الكتاب؟
ثانيًا: توحيد القراءات
ادَّعيتم أن الحجية لقراءة حفص عن عاصم دون غيره، وحصرتموها بها؛ فمن ذا الذي ذهب إلى هذا المذهب؟ ما هي أقوال الفقهاء في ذلك؟ ولما انتخبتم هذا القول دون غيره؟ وماذا تريدون بالحجية في ههنا؟
زعمتم أن مصحف السيدة فاطمة ما هو إلا إملاء رسول الله والإمام علي لها؛ هلَّا أسعفتمونا بمصدر لهذا الزعم يرحمكم الله؟ ولما نفيتم تحديثها من الملائكة، هذا والأخبار الواردة في رواية ذلك صريحة؟ هل كان نفيكم نوع مجاملة ومداهنة لمستضيفكم؟ إن كان كذلك، فإنكم في غنى عن مثل ذلك؛ إذ لا مواربة أن مثله في القرآن؛ فارجع إلى تحديث الملائكة لمريم وإلهامهم لأم موسى ووحيهم للنحل تجد نظيرا ومثلا.
رابعًا: النصوص المنقولة
أرى طورًا غريبًا يخل في علمية ما تكتبوه في مؤلفاتكم، وهو أنكم تنقلون خبرًا عن معاصر، ينقله هو عن متأخر عن متقدِّم، هلَّا بيَّنتم لنا علة ذلك؟ هنا مثلًا، تنقلون رواية من كتاب للمرجع المدرسي، ينقلها هو عن الصافي، والصافي ينقلها عن غيره!
اعتمدتم على رواية تقديم أصحاب النبي لبعض أعمال الحج وتأخير أخرى، تعضيدًا لفكرة الرفق بأخذ الأحكام، إلا أن نقلكم للرواية لم يكن بدقة يستدعيها المقام والاستشهاد؛ إذ بدَّلتم لفظ الرواية من “لا حرج” إلى “جائز”، وفي اللفظين بَوْن اختلاف لا يخفى على ضليع في اللغة ولا فحل في الفقه، وأنت خبير أن لكلٍ دلالته، أضف إلى ذلك، أن مقاصد لا حرج في المقام هي بيان حكم النسيان لا التساهل بالأحكام عن تقصير أو عزم وتعمد. ألا أترى أن الحر العاملي أعقب الرواية بقوله: “أقول: حمله الشيخ على النسيان لما مر”؟ ألم تقف على رواية الكليني وفيها: “لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا”؟
بعد هذا، فإن لدي معكم جولة أخرى حول فقه المقاصد -إن شاء الله تعالى-، والسلام.
محمد الميل