ملحوظة: لم يتم تنقيح هذا التقرير أو مراجعته، وقد تم اقتباسه حرفيًا. نتيجة لذلك، قد تكون هناك أخطاء أو عدم دقة في المحتوى. من فضلك ضع هذا في الاعتبار أثناء القراءة.
إنتاج: قناة هَجَر
بسم الله الرحمن الرحيم
أتقدم باسمي وباسمكم إلى صاحب العصر والزمان إمام الكون صلوات الله عليه بقية الله الأعظم بأحر وأصدق التهاني بمناسبة المواليد الشعبانية، فأسعد الله أيامنا وأيامكم.
عن ابن عباس قال: “كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمين الحسين بن علي وهو تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا إذ هبط جبرائيل بوحي من رب العالمين فلما سرّي عنه -يعني كشف عن النبي صلى الله عليه وآله- قال أتاني جبرائيل من ربي وقال: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول: لست أجمعهما فافد أحدهما بصاحبه”.
النبي صلى الله عليه وآله جالس على فخذه الأيسر ابنه إبراهيم، وعلى فخذه الأيمن االحسين بن علي، حتى في هذه المواضع النبي حينما يجعل الحسين على فخذ الأيمن وابنه إبراهيم على فخذه الأيسر لها رمزية خاصة.
“فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى إبراهيم فبكى، ونظر إلى الحسين فبكى، وقال: إن إبراهيم أمه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيري- أم إبراهيم مارية القبطية أَمَة، إذا قبضته يا جبرائيل لم يحزن عليه غيري أنا وأمه- وأم الحسين فاطمة وأبوه علي لحمي ودمي ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه! -أما الحسين صلوات الله عليه عزيز إذا مات بكت عليه فاطمة الزهراء وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا قبض الحسين بكى عليه علي بن أبي طالب لحمي ودمي وبكيت أنا عليه- وأنا أوثر حزني على حزنهما”.
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله عزيز، والأبناء أعزاء على آبائهم، مع ذلك قال: “أنا أوثر حزني على حزنهما، يا جبرائيل يقبض إبراهيم فديته للحسين”! فدى ابنه إبراهيم للحسين سيد الشهداء ابن بنته صلوات الله عليه، وهذا إن دل على شيء فيدل على عظم مقام سيد الشهداء، ويدل كذلك على أن النبي صلى الله عليه وآله أراد أن يترك بصمة خاصة في قضية سيد الشهداء، وأراد أن يعلم العالم والآباء على وجه أخص، أن قدموا أبنائكم نصرة لسيد الشهداء وأهل بيت النبوة إذا كان في أمرهم استقامة الدين.
تقول الرواية: “فقبض بعد ثلاث فكان النبي صلى الله عليه وآله إذا رأى الحسين مقبلا قبله وضمه إلى صدره ورشف ثانياه، وقال فديت من فديته بابني إبراهيم”.
الحسين صلوات الله عليه في قضيته نستفيد العبرة والعبرات، وليست قضية الحسين عبرة ونحيب فقط إنما عبرة كذلك، قضية الحسين قضية توعوية، ونبينا الأكرم صلى الله عليه وآله حينما ترك هذه البصمة قدم ابنه فداء لسيد الشهداء أراد أن يعلمنا أن يا قوم ادفعوا حتى لو كان ذلك الشخص من أحب الناس إليكم ومن أقربائهم إذا كان في ذلك الأمر استقامة الدين.
من بين ملايين المسلمين في حين سيد الشهداء ما اندفع لنصرته إلا ما يقارب الألف، وفي أثناء المسير تقلص هذا العدد حتى أصبح عددهم في ليلة العاشر ثلاثة وسبعين رجل كانوا من أنصار الحسين، وفي هذه القضية عندنا نموذجان:
النموذج الأول هو حبيب بن مظاهر، والنموذج الثاني هو الطرماح بن عدي حبيب بن مظاهر ترك أهله وعشيرته جميع أحباءه وذهب لنصرة سيد الشهداء الإمام الحسين صلوت الله عليه، والنموذج الثاني هو الطرماح، هذا الرجل رأى قلة العدد أمام تلك الجيوش المؤلفة فقال للإمام الحسين: “إني والله لأنظر فما أرى معك أحدا، ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم”! فقال له الإمام الحسين: “جزاك الله وقومك خيرا، إنه قد كان بيننا وبيننا هولاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، وما ندري ما تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة”. ثم تعلل للإمام بأبناءه. قال له: “إني قد امترت لأهلي ميرة ومعي نفقة لهم فأتيهم فأضع ذلك فيهم، ثم أٌقبل إليك إن شاء الله فإن ألحقك فوالله لأكونن من أنصارك”! فقط أعطني أذن لأذهب لعائلتي أئمن لهم بعض الأمور المعيشية وبعد ذلك أرجع لك واستشهد بين يديك، فقال له الإمام صلوات الله عليه: “فإن كنت فاعلا فعجل رحمك الله”! فمضى الطرماح إلى أهله وبعد مدة رجع إلى الحسين ولما وصل إلى منزل عذيب الهجانات سمع باستشهاد الإمام الحسين فعاد إلى أهله!
خسر النصرة، ذهب لأهله، وفعلا وفى بالعهد ورجع للإمام، لكن الوقت قد مضى، وسيد الشهاد مقتولا على رمضاء كربلاء!
فهذان النموذجين، النموذج الأول لحسن الاختيار والأخر لعكسه! هي لحظة فاصلة، لو أن هذا الرجل فكر وأمعن لكان قد شمله قول إمامنا صلوات الله عليه: “طبت وطابت الأرض التي صرتم بها بأبي أنتم وأمي”!
هذه هي المشكلة، مشكلة ضغوط الأهل والأقرباء، قال الله تعالى: “قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين”.
مشكلة ضغوط الأهل والأقرباء، وبعض الناس لا يتحملون هذا الأمر، فيختارون الخيارات الخاطئة، ويخسرون نصرة دين الله تبارك وتعالى، وعندنا الكثير من النماذج، مثلا أويس القرني الذي كان ضحية أمه التي كانت تمنعه من الذهاب للنبي الأكرم حتى حرم من أن يرى وجه النبي صلى الله عليه وآله، رغم مقامه وعلو قدره ومن أنصار أمير المؤمنين.
علينا أن نحسن الاختيار، وإياكم والتأخر بحجة هذه العلل! ومن خلال ما أفهمه واستقرائي في سيرة سيد الشهداء، هنالك آُثار وضعية صارت على الحر بن يزيد الرياحي رضوان الله عليه هذا الذي كان في الجيش المخالف لسيد الشهداء وبعد ذلك تاب ولحق به ونصره، مثلا بسبب تأخره، أولا ما دفن بجنب الإمام الحسين فلا يزار كثيرا مثل أصحاب الإمام الحسين الذين دفنوا حوله، والأمر الآخر أن أصحاب الإمام الحسين جميعهم قطعت روؤسهم وهو لم يقطع رأسه! هذه كلها أمور ترفع من مكانة الشهادة، كذلك أصحاب الإمام الحسين مثلا بقيت أجسادهم ثلاثة أيام ملقاة أما الحر دفنته عشيرته مباشرة لاحظوا المراتب، يرفع الله ويسلب كذلك لأمور ارتكبها.
أولا أن نحسن الاختيار وأن لا نتأخر في نصرة أئمتنا عليهم الصلاة والسلام. لأننا في زمان غابت الغيرة والحمية في نفوسنا وأصبحنا مجرد شعاراتيين!
أختم بهذا الأمر، في زيارة عاشوراء في حالة السجود تقولون: “وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليهم السلام”. في حالة السجود تدعو الله أن يجعلك تمضي كما مضى أصحاب الحسين.
نسأل الله أن يجلعنا كمثل أصحاب الحسين، لا نريد أًصاحبا كمثل أصحاب رسول الله إنما كأصحاب إمامنا الحسين صلوات الله عليه.
هاجروا إلى الحسين، وابذلوا أموالكم حتى ينصكم الله تبارك وتعالى.