ملحوظة: لم يتم تنقيح هذا التقرير أو مراجعته، وقد تم اقتباسه حرفيًا. نتيجة لذلك، قد تكون هناك أخطاء أو عدم دقة في المحتوى. من فضلك ضع هذا في الاعتبار أثناء القراءة.
إنتاج: قناة هَجَر
بسم الله الرحمن الرحيم
“وبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك أولوا الألباب”.
في ذكرى وفاة السيد الجليل الطاهر إبراهيم ابن النبي ابن النبوة عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام نستلهم من هذا الحدث العظيم درسا مهما في حياتنا، الدرس العظيم هو أنه كيف يستعمل الإنسان قانون الاختيار والحرية في حياته، كل إنسان يكتشف بالبديهية أنه مختار في هذه الدنيا، في كثير من الأمور هو يختار الأمور بنفسه، وفي قبالها توجد أشياء ملزم بها الإنسان خارج عن إرادته، هذه الأشياء تقع شاء أم أبى، الإنسان يختار عمله، يختار سكناه، يختار الوطن الذين يريد أن يعيش فيه، يختار العلم والمعرفة التي يبحث عنها، كثير من الأشياء في الواقع الإنسان هو الذين يتحمّل مسؤولية الاختيار، من خلال هذا الاختيار يحدد الإنسان مقامه ومرتبته في الدنيا وفي الآخرة، وعند الله سبحانه وتعالى.
الإنسان إذا أحسن الاختيار للأشياء فإنه يرتفع في الدرجات، وإذا أساء الاختيار في الأشياء فإنه يتدنى ويتدلى في الدرجات، لهذا “فبشّر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه”. يعني توجد عندك اختيارات أمامك، الإنسان الذي يريد أن يختار زوجه له ما هي الملاكات في هذا الاختيار، الإنسان الذي أن يعيش في مدينة ما، ما هي الملاكات في هذا الاختيار، هل هذه الملاكات لله سبحانه وتعالى تقوم على أساس الحق، وعلى أساس المبادئ الصحيحة، أم لا، تقول على أساس هوى النفس، واتباع الشيطان، والمناهج البعيدة فالإنسان عندما يختار بين الأشياء المتقابلة هنالك يحدد قيمة نفسه في الواقع، يعني مثلا الإنسان يختار مثلا أن يعيش مكان في بيت قريب من مسجد أو حسنية أو مرقد إمام يذهب يزوره، هذا يختلف هذاك الإنسان الذي يختار سكنى له قريب من دار سينما مثلا، على الخصوص إذا كانت دور السينما لا تعرض البرامج النافعة والمفيدة للإنسان التي تغذي العقل والروح وإنما تفسد النفس، إنما في الواقع نحن أما واقع إعلام مهول يحمل أمواج من الفساد لضرب القيم والأخلاق، فالإنسان هو بنفسه يختار، أنا إلى أين أذهب؟ إلى مجلس أهل البيت أم والعياذ بالله إلى مجلس لهو يعصى الله فيه؟ هذا الاختيار بيدي، أنا أختاره، كذلك الإنسان عندما يقدم على مشروع الزواج، هنالك من يختار لما فيه تكامله الديني والأخلاقي الدنيوي والأخروي، يبني نفسه من خلال هذا المشروع، في قباله لا، تجد بعض الأفراد يختارون الزواج كمشروع تجاري ودنيوي صرف، لا يشركه فالله وبالله، لذلك من اختار الدين أعطاه الله، فلهذا الاختيار يحدد قيمة الإنسان، انظروا إلى النبي صلى الله عليه وآله، الرواية تقول عن ابن عباس، جالس في المسجد أو بيته الكريم، إبراهيم على فخذه الأيسر، والحسين على فخذه الأيمن، نزل جبرائيل سلم على رسول الله يا رسول الله إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لا أجمعهما لك في دار الدنيا، فافد أحدهما بصاحبه، هنا النبي عليه أن يختار، قانون الاختيار، هذا جميع الأنبياء عرض عليهم الاختيار، ماذا تختار هذا الشيء أم ذاك؟ هذا الطريق أم ذاك الطريق؟
الرسول هنا في دار امتحان، وإن كان أفضل الكائنات والمخلوقات، ولكنه لم يصبح أفضل الكائنات والمخلوقات إلا من خلال الاختيار الصحيح، فنظر إلى الحسين ونظر إلى إبراهيم هنالك وازن وقارن بين الأمرين، فقال يا جبرائيل يقبض إبراهيم لأن الحسين له رسالة عظيمة، لأن الحسين ابن فاطمة، لأن الحسين ابن علي بن أبي طالب، هذا سبطي، هذا الذي سوف يكمل دين الله، الإنسان أحيانا لا يختار الأشياء للدنيا، لا بد أن يوازن اختيارك للأشياء هل هي لله سبحانه وتعالى أم لنفسك ودنياك؟ النبي إذا كان إنسانا دنيويا لم يكن ليفدي الحسين بابنه إبراهيم بل كان يفدي إبراهيم بالحسين، لأن هذا ابنه، أحيانا الإنسان أيضا يأخذ الأشياء بطريق غير مباشر، أنت لا تنظر للأشياء في ظاهرها، انظر للأشياء في باطنها، لهذا عند الله سبحانه وتعالى الذين يكمل رسالة النبي هو سيد الشهداء صلوات الله عليه، لهذا النبي اختار أن يبقى الحسين حيا صلوات الله عليه، طبعا لو اختار العكس لعله لم يكن النبي نبيا، لم يكن خاتم الأنبياء والمرسلمين، وسيد الخلائق أجمعين، لم يكن ليصل لهذا المقام إذا لم يختر الاختيار الصحيح، كذلك جده إبراهيم عليه السلام كذلك عرض عليه، عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه “يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى”. هنا اختيار، هو يخيّر ابنه، هو اختار أن يذبحه، لكن أراد أن يربي أبناءه على أنهم يختارون الشيء الذي يقرب إلى الله، “قال يا أبتي افعل ما تأمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين”. وبالفعل، “فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت رؤياك”. يعني دائما الإنسان يتعرض لمواقف عليه أن يطلب من الله أن يوفق، حتى يختار الشيء الأمثل والأفضل.
الاختيار الصحيح يحتاج إلى أمرين:
- الهداية من الله.
- العقل السليم الفاعل.
لهذا فبشّر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولي الألباب.
إذا الهداية من الله، والعقل السليم الفعال يقود الإنسان إلى أنه يختار الأشياء على ضبط الحق، لا يختار الأشياء على ضبط الهوى، هوى النفس ضد العقل، أو يختار الأشياء على أساس الشيطان والضلالة، فالضلالة والشيطان عكس الهداية، الإنسان المهتدي إنما صار مهتديا لأنه يهتدي إلى الاختيار الصحيح، ماذا تختار في عملك، ماذا تختار من مجالسك التي تحضرها، ماذا تختار من أصدقائك؟
هنا عرفنا أن النبي صلى الله عليه وآله ارتفع بالدرجات لحسن الاختيار الذي اختاره لكمال عقله، ولأن له هداية “إنك لعلى هدى مستقيم”.
ما هي الملاكات في الاختيار، يعني ما هي الأسس التي تتدخل في اختيار الإنسان للأشياء؟ هي خمسة عوامل:
- الربح والخسارة، بعض الناس يختارون الشيء إذا كان فيه ربحا دنيويا، ويرفضون الشيء إذا كان فيه خسارة دنيوية، أما إذا العكس إذا تعرض مثلا لمنافع أخروية وخسارة دنيوية لا يقبل، قل الديانون! كلا بل تحبون العاجلة! بل تأثرون الحياة الدنيا!
- الخوف، يختار أو لا يختار لأن عامل الخوف صار عليه، “وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض”. فالإنسان يجب أن يختار الأشياء على أساس العقل والحكمة لا على أساس الخوف.
- يختار الأشياء على أساس التعصّب، هذا ليس من عشرتي ولا لوني ولا بلدي فأتركه!
- التقليد الأعمى، الإنسان يختار الأشياء ليس على أساس الحق، إنما يقلد، حشر مع الناس عيد! جنة بلا ناس ما تنداس!
- اختيار العالم بالمعرفة، قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني.
لهذا الرسول صلى الله عليه وآله عندما اختار أن يبقى الحسين وأن يقبض إبراهيم اختار على أساس المعرفة والبينة، وليس على أساس الاعتباط والتعصب والهوى.